عتابٌ يمثله فرحات على محددات المجتمع المعاصر الذي جهل الأبعاد الحقيقية لانتمائه إلى دين الرحمة العظيم. وحقدٌ يترعرع في نفس كمال على أبويه اللَّذين تركاه للشوارع بعد انفصالهما، لينتهي به في نهاية المطاف إلى الوقوف أمام والديه، وصرخة الحقيقة الكاملة في جلسة المحكمة: "هؤلاء الناس يا سيدي القاضي منبع الجنون في المجتمع، ... هؤلاء الذين ولدوني لأرتكب الخطايا في الشوارع، ... والفلاح يحصد ما زرعت يداه. نعم سيدي القاضي ... أنا لست نموذجاً للإنسان المخيف كما وصفتني أمي المنحرفة قبل قليل، ولا بالنموذج العجيب للوحشية المذكورة في شكوى أبي الذي ألقاني في الشوارع ليشبع رغباته ... إني أمثل الصورة الجميلة الرائعة للإنسان الذي رباه القرن العشرين بعناية فائقة، معادياً لعالم الروح والمعنى، وعبداً للمادة، وليس عسيراً بعد اليوم أن تعثروا على مثلي في كل بيت، بل هناك آلافٌ ممن هم أشد مني سوءاً تحت الجسور، وفي الزوايا والأركان الخربة والشوارع، وقد تفتحت طبيعتهم على كل شر ... وإذا فشل هذا العالم المجنون في العودة بهذه الحياة السادرة في الغفلة إلى الحياة الإيجابية الواعية، ... فإن الإنسانية ستكون مهيأة لولادة طوفان نوح آخر. وهكذا تحاول الرواية بين الحقد والعتاب رسم طريق لخلاص المجتمع من شقائه الذي يودي به إلى الهاوية.