تبدلت الرياح التي تهب على المجتمعات الإسلامية، وغدت تهب من باريس وسائر عواصم الحضارة الغربية بدلاً من دمشق والمدينة ومكة وسائر مراكز الحضارة الإسلامية منذ زمن بعيد. وتحولت قبلة النخبة المثقفة من أبناء المسلمين إلى الغرب. وسرعان ما بدأت هذه الموجة تزحف من المدن إلى القرى التي بقيت محافظة إلى حد ما. والحرية في ظل هذا التغيير أمر نسبي يعبر عن مألوف النفس البشرية. فالحضارة الإسلامية بعقيدتها وقيمها ومثلها هي حرية المسلم وأجواءه التي يتنفس فيها. وهذه الأجواء هي القفص الذي يقيد الذين يستنشقون أجواء باريس. ولئن كانت الأقفاص تشكل فضاء الحرية للعصافير والطيور التي ألفتها، فإنها سجن للطيور الحرة التي تبني أعشاشها في أحضان الطبيعة. والفطرة والطرق التي تؤدي إليها هي المعيار والميزان. و"طيور الحرية" رواية واقعية، مقتبسة من أحداث حقيقية، تتناول الانكسارات التي تحملها رياح التغيير لمجتمعات، تتجسد في نموذج قرية أوفالي من قرى شرق تركيا. والرواية تشكل، نموذجاً لجانبٍ من محاولات نخبة الأدباء في تلمس طريق النهضة في تركيا، ولا تختلف في ذلك كثيراً عن سائر العالم الإسلامي. والرواية تشكل أخيراً، لبنة من لبنات قنطرة العالم الإسلامي بين شقيه العربي والتركي، لعلها تعيد وصل بعض ما انقطع.